فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} قرأ قتادة {قل هي} لمن آمن، وقرأ نافع {خالصة} بالرفع، وقرأ باقي السبعة بالنصب فأما النصب فعلى الحال والتقدير {قل هى} مستقرّة {للذين ءامنوا} في حال خلوصها لهم يوم القيامة وهي حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبرًا لهي {وفي الحياة} متعلق بآمنوا ويصير المعنى قل هي خالصة يوم القيامة لمن آمن في الدّنيا ولا يعني بيوم القيامة وقت الحساب وخلوصها كونهم لا يعاقبون عليها وإلى هذا المعنى يشير تفسير ابن جبير، وجوّزوا فيه أن يكون خبرًا بعد خبر والخبر الأوّل هو {للذين آمنوا} {في الحياة الدنيا} متعلق بما تعلق به للذين وهو الكون المطلق أي قل هي كائنة في الحياة الدنيا للمؤمنين وإن كان يشركهم فيها في الحياة الدّنيا الكفّار {خالصة لهم يوم القيامة} ويراد بيوم القيامة استمرار الكون في الجنة وهذا المعنى من أنها لهم ولغيرهم في الدّنيا خالصة لهم يوم القيامة هو قول ابن عباس والضحّاك وقتادة والحسن وابن جريج وابن زيد وعلى هذا المعنى فسر الزمخشري.
فإن قلت: إذا كان معنى الآية أنها لهم في الدنيا على الشركة بينهم وبين الكفار فكيف جاء {قل من حرم زينة}، فالجواب: من وجوه، أحدها: إنّ في الكلام حذفًا تقديره قل هي للمؤمنين والكافرين في الدنيا خالصة للمؤمنين في القيامة لا يشاركون فيها قاله الكرماني، الثاني: إنّ ما تعلق به {للذين آمنوا} ليس كونًا مطلقًا بل كوناه مقيّدًا يدلّ على حذفه مقابله وهو {خالصة} تقديره قل هي غير خالصة للذين آمنوا قاله الزمخشري قال: قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا غير خالصة لهم لأنّ المشركين شركاؤهم فيها خالصة يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد ثم قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل للذين آمنوا ولغيرهم، قلت: النية على أنها خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة وأنّ الكفرة تبع لهم كقوله تعالى: {ومن كفر فأمتعه قليلًا ثم أضطره} انتهى وجواب الزمخشري هو للتبريزي رحمه الله.
قال التبريزي معنى الآية أنها للمؤمنين خالصة في الآخرة لا يشركهم الكفّار فيها هذا وإن كان مفهومه الشركة بين الذين آمنوا والذين أشركوا وهو كذلك لأنّ الدّنيا عرض حاضر يأكل منها البرّ والفاجر إلا أنه أضاف إلى المؤمنين ولم يذكر الشّركة بينهم وبين الذين أشركوا في الدنيا تنبيهًا على أنه إنما خلقها للذين آمنوا بطريق الأصالة والكفّار تبع لهم فيها في الدنيا ولذلك خاطب الله المؤمنين بقوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا} انتهى، وقال أبو عليّ في الحجة ويصح أن يعلق قوله: {في الحياة الدنيا} بقوله: {حرم} ولا يصح أن يتعلق بقوله: {أخرج لعباده} ويجوز ذلك وإن فصل بين الصلة والموصول بقوله: {هي للذين آمنوا} لأنّ ذلك كلام يشدّ القصة وليس بأجنبي منها جدًّا كما جاز ذلك في قوله: {والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلّة} فقوله: {وترهقهم ذلّة} معطوف على {كسبوا} داخل في الصلاة والتعلّق بأخرج هو قول الأخفش، ويصحّ أن يتعلق بقوله: {والطّيبات} ويصح أن يتعلق بقوله: {منَ الرزق} انتهى.
وتقادير أبي عليّ والأخفش فيها تفكيك للكلام وسلوك به غير ما تقتضيه الفصاحة، وهي تقادير أعجمية بعيدة عن البلاغة لا تناسب في كتاب الله بل لو قدّرت في شعر الشنفري ما ناسب والنحاة الصّرف غير الأدباء بمعزل عن إدراك الفصاحة وأما تشبيه ذلك بقوله: {والذين كسبوا} فليس ما قاله بمتعيّن فيه بل ولا ظاهر بل قوله: {جزاء سيئة بمثلها} هو خبر عن النهي أي جزاء سيئة منهم بمثلها وحذف منهم لدلالة المعنى عليه كما حذف من قولهم السّمن منوان درهم أي منوان منه وقوله: {وترهقهم ذلة} معطوف على {جزاء سيئة بمثلها} وسيأتي توضيح هذا بأكثر في موضعه إن شاء الله تعالى.
{كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} أي مثل تفصيلنا وتقسيمنا السابق {نقسم} في المستقبل {لقوم} لهم علم وإدراك لأنه لا ينتفع بذلك إلا من علم لقوله: {وما يعقلها إلا العالمون}. اهـ.

.قال أبو السعود:

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله}
من الثياب وما يُتجمَّل به {التى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} من النبات كالقُطن والكتّان، والحيوانِ كالحرير والصوفِ، والمعادن كالدروع {والطيبات مِنَ الرزق} أي المستلذاتِ من المآكل والمشارب، وفيه دليلٌ على أن الأصل في المطاعم والملابس وأنواعِ التجمُّلات الإباحةُ، لأن الاستفهامَ في مَنْ إنكاريٌّ {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التي أَخْرَجَ} بالأصالة، والكفرةُ وإن شاركوهم فيها فبِالتَّبع {خَالِصَةً يَوْمَ القيامة} لا يشاركهم فيها غيرُهم وانتصابُه على الحالية، وقرئ بالرفع على أنه خبرٌ بعد خبر {كَذَلِكَ نُفَصِلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي مثلَ هذا التفصيلِ نفصِّلُ سائرَ الأحكامِ لقوم يعلمون ما في تضاعيفها من المعاني الرائقة. اهـ.

.قال الألوسي:

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله}
من الثياب وكل ما يتجمل به {التى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} أي خلقها لنفعهم من النبات كالقطن والكتان والحيوان كالحرير والصوف والمعادن كالخواتم والدروع {والطيبات مِنَ الرزق} أي المستلذات، وقيل: المحللات من المآكل والمشارب كلحم الشاة وشحمها ولبنها.
واستدل بالآية على أن الأصل في المطاعم والملابس وأنواع التجملات الإباحة لأن الاستفهام في {مِنْ} لانكار تحريمها على أبلغ وجه.
ونقل عن ابن الفرس أنه قال: استدل بها من أجاز لبس الحرير والخز للرجال.
وروي عن زين العابدين رضي الله تعالى عنه أنه كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارًا فإذا أصاف تصدق به لا يرى بذلك بأسًا ويقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}.
وروي أن الحسين رضي الله تعالى عنه أصيب وعليه جبة خز وأن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لما بعثه علي كرم الله تعالى وجهه إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه وتطيب بأطيب طيبه وركب أحسن مراكبه فخرج إليهم فوافقهم فقالوا: يا ابن عباس بينا أنت خير الناس إذ أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم فتلا هذه الآية لكن روي عن طاوس أنه قرأ هذه الآية وقال: لم يأمرهم سبحانه بالحرير ولا الديباج ولكنه كان إذا طاف أحدهم وعليه ثيابه ضرب وانتزعت منه فأنكر عليهم ذلك، والحق أن كل ما لم يقم الدليل على حرمته داخل في هذه الزينة لا توقف في استعماله ما لم يكن فيه نحو مخيلة كما أشير إليه فيما تقدم.
وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم خرج وعليه رداء قيمته ألف درهم، وكان أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه يرتدي برداء قيمته أربعمائة دينار وكان يأمر أصحابه بذلك، وكان محمد يلبس الثياب النفيسة ويقول: إن لي نساء وجواري فأزين نفسي كي لا ينظرن إلى غيري.
وقد نص الفقهاء على أنه يستحب التجمل لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن لله تعالى إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته عليه» وقيل لبعضهم: أليس عمر رضي الله تعالى عنه كان يلبس قميصًا عليه كذا رقعة فقال: فعل ذلك لحكمة هي أنه كان أمير المؤمنين وعماله يقتدون به وربما لا يكون لهم مال فيأخذون من المسلمين.
نعم كره بعض الأئمة لبس المعصفر والمزعفر وكرهوا أيضًا أشياء أخر تطلب من محالها.
{قُلْ هي لِلَّذِينَ ءامَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي هي لهم بالأصالة لمزيد كرامتهم على الله تعالى، والكفرة وإن شاركوهم فيها فبالتبع فلا إشكال في الاختصاص المستفاد من اللام {خَالِصَةً يَوْمَ القيامة} لا يشاركهم فيها غيرهم.
وعن الجبائي أن المعنى هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا غير خالصة من الهموم والأحزان والمشقة وهي خالصة يوم القيامة من ذلك وانتصاب {خَالِصَةٌ} على الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور والعامل فيه متعلقة.
وقرأ نافع بالرفع على أنه خبر بعد خبر أو هو الخبر و{لِلَّذِينَ} متعلق به قدم لتأكيد الخلوص والاختصاص {كذلك نُفَصّلُ الآيات} أي مثل تفصيلنا هذا الحكم نفصل سائر الأحكام {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ما في تضاعيفها من المعاني الرائقة.
وجوز أن يكون هذا التشبيه على حد قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] ونظائره مما تقدم تحقيقه. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}
استئناف معتَرَض بين الخطابات المحكيّة والموجّهة، وهو موضع إبطال مزاعم أهل الجاهليّة فيما حرّموه من اللّباس والطّعام وهي زيادة تأكيد لإباحة التستر في المساجد، فابتدئ الكلام السابق بأنّ اللباس نعمة من لله.
وثني بالأمر بإيجاب التستر عند كل مسجد، وثلث بانكاران يوجد تحريم اللباس وافتتاح الجملة بـ {قل} دلالة على أنّه كلام مسوق للردّ والإنكار والمحاورة.
والاستفهام إنكاري قصد به التّهكّم إذ جعلهم بمنزلة أهل علم يطلب منهم البيان والإفادة نظير قوله: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا} [الأنعام: 148] وقوله: {نبئوني بعلم إن كنتم صادقين} [الأنعام: 143] وقرينة التّهكّم: إضافة الزّينة إلى اسم الله، وتعريفها بأنّها أخرجها الله لعباده، ووصفُ الرّزق بالطّيبات، وذلك يقتضي عدم التّحريم، فالاستفهام يؤول أيضًا إلى إنكار تحريمها.
ولوضوح انتفاء تحريمها، وأنّه لا يقوله عاقل، وأنّ السؤال سؤال عالم لا سؤال طالب علم، أُمر السّائل بأن يجيب بنفسه سؤَالَ نفسِه، فعُقب ما هو في صورة السؤال بقوله: {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا} على طريقة قوله: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} في سورة الأنعام (12)، وقوله: {عم يتساءلون عن النبأ العظيم} [النبأ: 1، 2] فآل السؤال وجوابه إلى خبرين.
وضمير: {هي} عائد إلى الزينة والطّيبات بقطع النّظر عن وصْف تحريم من حرّمها، أي: الزّينةُ والطّيبات من حيث هي هي حلال للذين آمنوا فمن حرّمها على أنفسهم فقد حَرَمُوا أنفسهم.
واللاّم في: {للذين آمنوا} لام الاختصاص وهو يدلّ على الإباحة، فالمعنى: ما هي بحرام ولكنّها مباحة للذين آمنوا، وإنّما حَرَم المشركون أنفسهم من أصناف منها في الحياة الدّنيا كلّها مثل البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وما في بطونها، وحَرَم بعض المشركين أنفسهم من أشياء في أوقات من الحياة الدّنيا ممّا حرّموه على أنفسهم من اللّباس في الطّواف وفي منى، ومن أكل اللّحوم والودَك والسّمن واللّبن، فكان الفوز للمؤمنين إذ اتّبعوا أمر الله بتحليل ذلك كلّه في جميع أوقات الحياة الدّنيا.
وقوله: {خالصة يوم القيامة} قرأه نافع، وحده: برفع خالصة على أنّه خبر ثان عن قوله: {هي} أي: هي لهم في الدّنيا وهي لهم خالصة يوم القيامة، وقرأه باقي العشرة: بالنّصب على الحال من المبتدأ أي هي لهم الآن حال كونها خالصة في الآخرة ومعنى القراءتين واحد، وهو أنّ الزّينة والطّيّبات تكون خالصة للمؤمنين يوم القيامة.
والأظهر أنّ الضّمير المستتر في {خالصة} عائد إلى الزّينة والطّيبات الحاصلة في الحياة الدّنيا بعينها، أي هي خالصة لهم في الآخرة، ولا شكّ أنّ تلك الزّينة والطّيّبات قد انقرضت في الدّنيا، فمعنى خلاصها صفاؤها، وكونه في يوم القيامة: هو أنّ يوم القيامة مظهر صفائِها أي خلوصها من التّبعات المنجرّة منها، وهي تبعات تحريمها، وتبعات تناول بعضها مع الكفر بالمنعِم بها، فالمؤمنون لمّا تناولوها في الدّنيا تناولوها بإذن ربّهم، بخلاف المشركين فإنّهم يسألون عنها فيعاقبون على ما تناولوه منها في الدّنيا، لأنّهم كفروا نعمة المنعِم بها، فأشركوا به غيره كما قال تعالى فيهم: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة: 82] وإلى هذا المعنى يشير تفسير سعيد بن جبير، والأمر فيه على قراءة رفع: {خالصة} أنّه إخبار عن هذه الزّينة والطّيبات بأنّها لا تعقب المتمتّعين بها تبعات ولا أضرارًا، وعلى قراءة النّصب فهو نصب على الحال المقدرة.
ويحتمل أن يكون الضّمير في {خالصة} عائدًا إلى الزّينة والطّيبات، باعتبار أنواعها لا باعتبار أعيانها، فيكون المعنى: ولهم أمثالها يوم القيامة خالصة.
ومعنى الخلاص التّمحض وهو هنا التّمحض عن مشاركة غيرهم من أهل يوم القيامة، والمقصود أنّ المشركين وغيرهم من الكافرين لا زينة لهم ولا طيّبات من الرّزق يوم القيامة، أي أنّها في الدّنيا كانت لهم مع مشاركة المشركين إياهم فيها، وهذا المعنى مروي عن ابن عبّاس وأصحابه.
ومعنى: {كذلك نفصّل الآيات} كهذا التّفصيل المتبَدِيء من قوله: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا} [الأعراف: 26] الآيات أو من قوله: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} [الأعراف: 3].
وتقدّم نظير هذا التّركيب في سورة الأنعام.
والمراد بالآيات الدّلائل الدّالة على عظيم قدرة الله تعالى، وانفراده بالإلهيّة، والدّالة على صدق رسوله محمّد صلى الله عليه وسلم إذ بيَّن فساد دين أهل الجاهليّة، وعلَّم أهل الإسلام علمًا كاملًا لا يختلط معه الصّالح والفاسد من الأعمال، إذ قال: خُذوا زينتكم، وقال: {وكلوا واشربوا} [الأعراف: 31]، ثمّ قال: {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف: 31]، وإذ عاقب المشركين على شركهم وعنادهم وتكذيبهم بعقاب في الدّنيا، فخذلهم حتّى وضعوا لأنفسهم شرعًا حَرَمَهم من طيّبات كثيرة وشوّه بهم بين الملإ في الحجّ بالعراء فكانوا مثَل سوءٍ ثمّ عاقبهم على ذلك في الآخرة، وإذ وفق المؤمنين لَمَّا استعدّوا لقبول دعوة رسوله فاتّبعوه، فمتّعهم بجميع الطّيبات في الدّنيا غير محرومين من شيء إلاّ أشياء فيها ضُر عَلِمه الله فحرّمها عليهم، وسلَّمهم من العقاب عليها في الآخرة.
واللاّم في قوله: {لقوم يعلمون} لام العلّة، وهو متعلّق بفعل {نفصل}، أي تفصيل الآيات لا يفهمه إلاّ قوم يعلمون، فإنّ الله لمّا فصّل الآيات يَعلم أنّ تفصيلها لقوم يعلمون، ويجوز أن يكون الجارُّ والمجرور ظرفًا مستقرًا في موضع الحال من الآيات، أي حال كونها دلائل لقوم يعلمون، فإنّ غير الذين لا يعلمون لا تكون آيات لهم إذ لا يفقهونها كقوله تعالى: {إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون} في سورة الأنعام (99)، أي كذلك التّفصيل الذي فَصلتُه لكم هنا نفصّل الآيات ويتجدّد تفصلينا إياها حرصا على نفع قوم يعلمون.
والمراد {بقوم يعلمون} الثّناءُ على المسلمين الذين فهموا الآيات وشكروا عليها، والتّعريضُ بجهل وضلال عقول المشركين الذين استمرّوا على عنادهم وضلالهم، رغم ما فصّل لهم من الآيات. اهـ.